
يعاني عدد متزايد من الأزواج اليوم من تحديات في الإنجاب لأسباب صحية أو هرمونية أو وراثية الأمر الذي جعل تقنيات الإخصاب خارج الجسم، المعروفة بعلاج أطفال الأنابيب، خيارا طبيا واقعيا يساعد على تحقيق حلم الأمومة والأبوة لدى كثير من الأسر.
قد برزت المملكة المتحدة خلال العقود الأخيرة كواحدة من الدول الرائدة عالميا في هذا المجال بفضل التطور العلمي وتوفر الخبرات الطبية المتخصصة واعتماد أنظمة صارمة لضمان الجودة وسلامة المرضى، إلا أنّ السعي للحصول على علاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة، رغم مزاياه الكبيرة قد يواجه تحديات حقيقية بالنسبة للمرضى القادمين من الشرق الأوسط أبرزها ارتفاع التكاليف المتعلقة بالعلاج نفسه إضافة إلى تكاليف السفر والإقامة فضلا عن طول فترة المتابعة التي قد تستدعي بقاء ممتدا بعيدا عن الأسرة.
لذلك يتّجه بعض المرضى إلى خيارات أخرى أقرب جغرافيا وأقل كلفة مثل بعض الدول في الشرق التي أثبتت حضورا وتقدما في هذا المجال ووفّرت برامج علاجية متطورة وكوادر طبية ذات خبرة. وفي السنوات الأخيرة أخذت إيران موقعا لافتا بين هذه الخيارات نظرا لما تقدمه بعض مراكزها المتخصصة من برامج علاجية متقدمة وبأسعار قد تكون أكثر انسجاما مع إمكانيات الكثير من المرضى في المنطقة.
تهدف هذه المقالة إلى تقديم صورة شاملة تساعد المرضى على فهم عناصر القرار بين التقدم الطبي والتكلفة والبعد الجغرافي للوصول إلى الخيار العلاجي الأنسب وفق ظروفهم وتطلعاتهم.
اقرأوا عن:
علاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة: خبرة طويلة وريادة عالمية
يعد علاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة من أبرز التجارب الطبية المتقدمة عالميا إذ ارتبط اسم بريطانيا تاريخيا بأولى خطوات نجاح الإخصاب خارج الجسم وتأسيس مراكز بحثية متخصصة أسهمت في تطوير التقنيات العلاجية الحديثة. تعتمد المستشفيات البريطانية على كوادر طبية مؤهلة وبروتوكولات دقيقة للعلاج إضافة إلى رقابة علمية وتنظيمية تضمن جودة الخدمات المقدمة للمرضى. وقد جعل هذا النهج المملكة المتحدة وجهة يطمح إليها العديد من الأزواج الباحثين عن حلول طبية متقدمة لعلاج العقم وتحقيق فرص أفضل للإنجاب.
ما الذي يميز التقنيات البريطانية في الإخصاب خارج الجسم؟
يمتاز علاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة بتوفر مجموعة من التقنيات الحديثة التي تهدف إلى تحسين فرص حدوث الحمل وتقليل المخاطر المحتملة على الأم والجنين. قد ساعدت هذه الوسائل المتقدمة على جعل التجربة العلاجية أكثر دقة ومرونة مع قدرة أكبر على متابعة حالة الأجنة واختيار الأنسب منها قبل البدء بعملية النقل. ومن أبرز هذه التقنيات:
- التشخيص الوراثي قبل الزرع: فحص جزء صغير من الجنين للتأكد من خلوه من الأمراض الوراثية أو الاضطرابات الجينية قبل نقله إلى الرحم.
- تجميد الأجنة طويلة الأمد: حفظ الأجنة باستخدام تقنيات تبريد تحافظ على جودتها وتتيح للزوجين محاولة لاحقة دون تكرار مراحل العلاج.
- مراقبة نمو الأجنة داخل الحاضنات الذكية: حاضنات توفر بيئة ثابتة تشبه الرحم وتتابع تطور الجنين بالصورة والبيانات دون الحاجة لإخراجه من الحاضنة.
- اختيار الأجنة وفق معايير دقيقة: الاعتماد على برامج مخبرية متطورة لتحديد الأجنة الأكثر استعدادا للانغراس وتحقيق الحمل.
- بروتوكولات علاج مخصصة: وضع خطط دوائية تختلف حسب العمر والحالة الصحية وسبب العقم بدلا من اتباع نمط علاجي موحد للجميع.
اقرأوا عن:
التكلفة والمسافة: تحديات ترافق علاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة
على الرغم من المزايا العلمية والتقنية التي يوفرها علاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة فإن المسافة الجغرافية والتكاليف المادية تعد من أبرز التحديات التي قد تواجه المرضى القادمين من دول الشرق الأوسط. فالعلاج في بريطانيا يعتمد في الغالب على نظام صحي خاص بالنسبة للوافدين من خارج البلاد مما يعني تكاليف مرتفعة تشمل الفحوصات الأولية والعلاج الدوائي وإجراءات المختبر وحفظ الأجنة، إضافة إلى تكاليف أخرى غير مباشرة كالسفر والإقامة لفترات قد تمتد لأسابيع.
كما أن طبيعة هذا العلاج تتطلب مراجعات دورية وإشرافا مستمرا، الأمر الذي يجعل البقاء بعيدا عن الأسرة والعمل مسألة تحتاج إلى استعداد مسبق وقدرة على التخطيط والتكيّف. قد تدفع هذه الجوانب اللوجستية بعض المرضى للبحث عن خيارات بديلة تجمع بين جودة الرعاية الطبية وقرب المسافة وتكلفة أكثر انسجاما مع إمكانياتهم.
التوجه شرقا: لماذا ينظر بعض المرضى إلى خيارات أقرب؟
نتيجة التكاليف المرتفعة والمتطلبات اللوجستية المرافقة لعلاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة، بدأ عدد من الأزواج في الشرق الأوسط بالنظر إلى خيارات أقرب جغرافيا وأكثر انسجاما مع ظروفهم اليومية. فالعلاج في دول مثل تركيا أو قطر أصبح يحظى باهتمام متزايد في السنوات الأخيرة، لكونهما توفّران مراكز متخصصة وبرامج علاجية حديثة بالإضافة إلى قرب المسافة وسهولة التنقل ما يتيح للمريض البقاء على تواصل أكبر مع أسرته ومحيطه خلال فترة العلاج.
إلى جانب ذلك يفضّل بعض المرضى التعامل مع بيئة قريبة من ثقافتهم ولغتهم وعاداتهم، الأمر الذي يقلل من الشعور بالغربة ويوفّر راحة نفسية قد تكون مؤثرة في تجربة العلاج. جعلت هذه العوامل خيار التوجه شرقا قائما لدى شريحة واسعة من المرضى خاصة حين يكون الهدف، الجمع بين جودة الرعاية الطبية وتكاليف معقولة.
اقرأوا عن:
إيران: حضور متقدم وتجربة لافتة في مجال الإخصاب خارج الجسم
استطاعت إيران في السنوات الأخيرة أن تلفت الأنظار كإحدى الوجهات الطبية البارزة في مجال علاج العقم وتقنيات الإخصاب خارج الجسم، نتيجة التطور الملحوظ في برامج العلاج وتنوع الخبرات الطبية العاملة في هذا المجال. فقد ساعدت التجربة الإيرانية القائمة على مراكز متخصصة وكوادر مدرّبة ومختبرات حديثة في تقديم حلول علاجية تلبّي حاجات مختلف الحالات مع القدرة على تطبيق تقنيات تشخيصية وعلاجية متقدمة تتماشى مع الأساليب العالمية المعروفة. كما يستفيد المرضى القادمون من المنطقة من القرب الجغرافي والانسجام الثقافي واللغوي الذي قد يقلل من الشعور بالغربة ويجعل التواصل مع الفريق الطبي أكثر سهولة ووضوحا وهو عامل مهم في رحلة العلاج.
بالإضافة إلى ذلك يرى بعض المرضى أن فرص الجمع بين تكاليف معقولة وخبرة طبية واسعة تشكل دافعا إضافيا للنظر في الخيارات المتاحة داخل إيران، خاصة لأولئك الذين يسعون للحصول على رعاية ذات جودة دون التحمل الكبير لتكاليف السفر والعلاج في أماكن أبعد. هذا ومع توسّع الخدمات الطبية التخصصية وتعدد المراكز التي تهتم بعلاج حالات العقم أصبحت التجربة الإيرانية خيارا واردا ومقبولا لدى عدد كبير من الأزواج في الشرق الأوسط.
كيف يختار المريض المركز المناسب للعلاج؟
قد لا يختلف جوهر الرعاية الطبية المقدمة في علاج العقم وتقنيات الإخصاب خارج الجسم بين بعض المراكز المتقدمة في المملكة المتحدة ونظيراتها في إيران حيث يسعى الجانبان إلى توفير تجربة علاجية متكاملة تقوم على الدقة العلمية ومتابعة حالة المريض وتحقيق نسب نجاح متقدمة.
ومع تطور الخبرات الطبية وتوفر التقنيات الحديثة في عدة وجهات علاجية بات بإمكان عدد من المرضى البحث عن الخيارات الأنسب لحاجاتهم دون التفريط بجودة الرعاية أو مستوى المتابعة.
أوجه التشابه بين إيران والمملكة المتحدة في خدمات علاج أطفال الأنابيب:
- توفير الخدمات الاحترافية: فرق طبية مؤهلة تعمل وفق بروتوكولات علاجية واضحة وتشرف على كل مرحلة من مراحل العلاج.
- استخدام التقنيات الحديثة: الاستعانة بأحدث أدوات التشخيص والتجميد والإخصاب والمراقبة المخبرية لمواكبة التطور العلمي في هذا المجال.
- نسب نجاح متقدمة: الاعتماد على أساليب اختيار الأجنة ومتابعة نموها بما يدعم فرص الانغراس وتحقيق الحمل.
- المتابعة بعد العملية: تقديم استشارات وإرشادات بعد النقل لضمان سلامة الأم وتوجيهها خلال الأسابيع الأولى من الحمل.
- الخصوصية واحترام سرية المعلومات: اعتماد على أنظمة تحمي بيانات المريض وتمنح الزوجين شعورا بالاطمئنان أثناء العلاج.
ما بعد الكلمات
يعد اتخاذ قرار البدء بعلاج أطفال الأنابيب خطوة تحتاج إلى دراسة متأنية واستشارة طبية واضحة سواء كان العلاج في المملكة المتحدة أو في أي دولة أخرى، فلكل وجهة مزاياها وتحدياتها المتعلقة بالتكلفة والوقت والبعد الجغرافي ونظام المتابعة بعد العملية. وقد حافظت المملكة المتحدة على مكانتها كوجهة رائدة في مجال الإخصاب خارج الجسم بفضل تطور تقنياتها وأنظمتها الطبية المتقدمة إلا أن هذه المزايا قد يرافقها تحديات مرتبطة بتكاليف العلاج والسفر بالنسبة للمرضى القادمين من الشرق الأوسط.
في المقابل تطوّر حضور بعض المراكز المتخصصة في الشرق ومن بينها مركز مام لـ أطفال الأنابيب في إيران الذي يستقبل سنويا آلاف المرضى من عدة بلدان ويقدم برامج علاجية معتمدة وتقنيات حديثة في مجال الإخصاب خارج الجسم. كما تتعاون معه وكالة كرفول تريب التي تعمل كجسر للتواصل بين المرضى والمركز وتقدم خدمات تنظيم المواعيد والاستشارات الأولية وتسهيل الظروف بما يساعد المرضى على الحصول على معلومات واضحة قبل اتخاذ قرار العلاج.
أخيرا يبقى الهدف من علاج أطفال الأنابيب في المملكة المتحدة أو في إيران أو في أي وجهة أخرى هو منح الأزواج فرصة حقيقية لتحقيق حلم الإنجاب ضمن بيئة علاجية توفر الطمأنينة والوضوح والاحترام لخصوصية التجربة الإنسانية التي يمرون بها.
المصادر
- https://www.hfea.gov.uk/: Key facts and statistics
- https://www.hfea.gov.uk/: Fertility treatment 2023: trends and figures
- https://www.nhs.uk/: IVF
- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/: Assisted Reproductive Technology in Iran
- https://iranhealthagency.com/: What is the IVF success rate in Iran?