العلاجات البديلة المكمّلة لعلاجات الخصوبة

قد تكون رحلة الوصول إلى الأبوة والأمومة مليئة بالتحديات، خاصةً بالنسبة للأزواج الذين يواجهون مشاكل في الخصوبة. وعلى الرغم من أن تقنيات المساعدة على الإنجاب (ART) مثل أطفال الأنابيب تُعد العلاج الأساسي للعقم، فإن العديد من الأزواج يتجهون إلى العلاجات البديلة المكمّلة لتحسين فرص الحمل. وقد حظيت هذه العلاجات، التي تتراوح بين الوخز بالإبر والعلاجات العشبية إلى اليقظة الذهنية والتغذية، باهتمام متزايد لما لها من دور محتمل في تعزيز الخصوبة ودعم الصحة الإنجابية بشكل عام.

ومع تزايد توجه الأفراد نحو النهج الشمولي في علاج الخصوبة، أصبح دور العلاجات البديلة محط اهتمام أكبر. ويُعتقد أن العديد من هذه العلاجات تساعد الجسم على تحقيق التوازن، مما يعزز الصحة الإنجابية ويقلل من التوتر المرتبط بعلاجات العقم. ولمن يخضعون لعلاجات المساعدة على الإنجاب، قد يؤدي دمج هذه العلاجات مع الإجراءات التقليدية إلى تحسين الصحة العامة وزيادة فرص النجاح. نستعرض فيما يلي أكثر العلاجات البديلة شيوعًا والمدعومة بالدراسات، مع تقديم رؤى مبنية على الأدلة وتوجيهات عملية للأزواج الراغبين في تضمينها ضمن خطة علاجهم.

الوخز بالإبر والخصوبة: نهج تقليدي

يُستخدم الوخز بالإبر في الطب الصيني التقليدي منذ آلاف السنين لعلاج العديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك مشاكل الخصوبة. وخلال جلسات الوخز بالإبر، تُدخل إبر دقيقة في نقاط محددة من الجسم لتحفيز تدفق الطاقة أو “تشي”، وتحقيق التوازن الجسدي والعاطفي. وفي سياق الخصوبة، يُعتقد أن الوخز بالإبر يُحسّن تدفق الدم إلى المبيضين والرحم، وينظم مستويات الهرمونات، ويقلل التوتر، وهي جميعها عوامل أساسية للصحة الإنجابية.

1. دور الوخز بالإبر في تحسين معدلات نجاح أطفال الأنابيب

أظهرت الأبحاث أن الوخز بالإبر قد يُحسّن من نتائج أطفال الأنابيب عن طريق تعزيز تدفق الدم إلى الرحم، وزيادة سُمك بطانة الرحم، وتهيئة بيئة هرمونية ملائمة لانغراس الجنين. وتشير بعض الدراسات إلى أن الوخز بالإبر يمكن أن يقلل من الآثار الجانبية لعلاج أطفال الأنابيب، مثل متلازمة فرط تحفيز المبيض، كما قد يزيد من فرص الحمل بعد نقل الأجنة. ومع ذلك، تبقى الأدلة متباينة، ويجب اعتبار الوخز بالإبر علاجًا مكملاً وليس بديلاً للعلاجات التقليدية للخصوبة.

2. تقليل التوتر وتحقيق التوازن الهرموني

يُعد تقليل التوتر أحد الفوائد الرئيسية للوخز بالإبر في علاج الخصوبة، حيث إن التوتر المزمن يرفع مستويات الكورتيزول، مما قد يعطل التوازن الهرموني الضروري للإباضة والانغراس. ويُعتقد أن الوخز بالإبر يساعد في خفض مستويات الكورتيزول وتحسين استجابة الجسم للتوتر، مما يُهيئ بيئة أكثر ملاءمة للحمل. وقد توفر الجلسات المنتظمة من الوخز بالإبر راحة نفسية كبيرة لمن يمرون بتجربة الخصوبة.

العلاجات العشبية والمكملات لدعم الخصوبة

يُستخدم الطب العشبي منذ قرون لعلاج مختلف الحالات الصحية، ويُعتقد أن العديد من الأعشاب تمتلك خصائص معززة للخصوبة. بدءًا من تحسين جودة البويضات إلى تنظيم الدورة الشهرية، تُستخدم الأعشاب لدعم الصحة الإنجابية لدى النساء والرجال على حد سواء. ومن الأعشاب الشائعة في هذا السياق: نبتة فيتكس (شجرة التوت البري)، ونبتة البرسيم الأحمر، وجذر الماكا، وكلها يُعتقد أنها توازن الهرمونات وتُحسّن من فرص الحمل.

1. أعشاب الخصوبة الشائعة وفوائدها

• فيتكس (شجرة التوت البري): تُستخدم لتنظيم الدورة الشهرية، وزيادة مستويات البروجسترون، وتحقيق التوازن الهرموني. وتُعد مفيدة بشكل خاص للنساء ذوات الدورة غير المنتظمة أو مشاكل في المرحلة الأصفرية.
• البرسيم الأحمر: يُعتقد أنه يُحسّن من صحة الرحم، ويُعزز الخصوبة، ويُغذي الأعضاء التناسلية. كما يُستخدم لتحسين نوعية مخاط عنق الرحم وتحفيز الإباضة.
• جذر الماكا: عشبة من البيرو تُستخدم لزيادة الرغبة الجنسية، وموازنة الهرمونات، وتحسين جودة الحيوانات المنوية لدى الرجال. كما تُعرف بقدرتها على تقليل التوتر وزيادة الطاقة، وهما عاملان مفيدان في دعم الخصوبة.

2. المكملات الغذائية لتعزيز الخصوبة

إلى جانب الأعشاب، تلعب المكملات الغذائية دورًا مهمًا في تحسين الخصوبة. وتُوصى مكملات مثل حمض الفوليك، وإنزيم Q10 المساعد، والأحماض الدهنية أوميغا-3 بشكل شائع للنساء اللاتي يخضعن لعلاجات الخصوبة. فحمض الفوليك يُساعد في الانقسام الخلوي السليم وتكوين الأنبوب العصبي، بينما يُحسن Q10 من جودة البويضات ويقلل من الأضرار الناتجة عن الإجهاد التأكسدي. أما أحماض أوميغا-3 فتُقلل من الالتهابات، وتُوازن الهرمونات، وتعزز الوظيفة الإنجابية.

اليقظة الذهنية وتقليل التوتر من أجل الخصوبة

تُعد علاجات الخصوبة مرهقة عاطفيًا، ويمكن أن يؤثر التوتر سلبًا على الصحة الإنجابية. وتُستخدم ممارسات اليقظة الذهنية، مثل التأمل واليوغا وتمارين التنفس العميق، بشكل متزايد من قِبل مرضى الخصوبة لتقليل التوتر وتحقيق حالة ذهنية أكثر هدوءًا تُساعد على الحمل.

1. كيف تُحسّن اليقظة الذهنية من الخصوبة

تُثبت التقنيات القائمة على اليقظة الذهنية أنها تُقلل من مستويات الكورتيزول وتُعزز الاسترخاء. من خلال التركيز على اللحظة الحالية، يمكن للأفراد تعزيز مرونتهم النفسية خلال فترة الخصوبة الصعبة. وتشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي يشاركن في تقنيات تقليل التوتر، مثل اليقظة الذهنية، يحققن نتائج أفضل في الصحة الإنجابية وفرصًا أعلى للحمل، سواء طبيعيًا أو من خلال تقنيات المساعدة على الإنجاب.

2. التأمل واليوغا للاسترخاء

لطالما استُخدم التأمل واليوغا لتقليل التوتر والقلق، وهما من التحديات العاطفية الشائعة لدى من يخضعون لعلاج الخصوبة. وتُساعد اليوغا بشكل خاص على تحسين تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية وتعزيز الاسترخاء من خلال تمارين التنفس والتمدد الخفيف. وقد أظهرت برامج الحد من التوتر القائمة على اليقظة الذهنية (MBSR) والتي تجمع بين التأمل واليوغا، تحسنًا في نتائج من يخضعون لأطفال الأنابيب، إذ تُعزز من الرفاهية العاطفية وقد تُساهم في تنظيم العمليات الهرمونية الضرورية للحمل.

التغذية وتغييرات نمط الحياة لدعم الخصوبة

تلعب التغذية دورًا حيويًا في الصحة العامة، ويمكن أن تُحدث التعديلات الغذائية المناسبة فرقًا كبيرًا في دعم الخصوبة والصحة الإنجابية. فاتباع نظام غذائي متوازن غني بالعناصر الأساسية يمكن أن يُعزز التوازن الهرموني، ويدعم وظيفة المبايض، ويُحسّن من صحة الحيوانات المنوية.

1. النظام الغذائي الأمثل للصحة الإنجابية

النظام الغذائي الغني بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن ضروري لتحسين جودة البويضات وعدد الحيوانات المنوية. بالنسبة للنساء، يُعد تناول كميات كافية من حمض الفوليك، وفيتامين د، والحديد، وأوميغا-3 أمرًا حاسمًا لتحقيق التوازن الهرموني وتقليل الإجهاد التأكسدي. أما بالنسبة للرجال، فتُعد الأطعمة الغنية بالزنك والسيلينيوم وفيتامينات C وE ضرورية لإنتاج حيوانات منوية صحية وتحسين حركتها.

2. تعديلات نمط الحياة لدعم الخصوبة

بالإضافة إلى التغذية، هناك تعديلات على نمط الحياة تُسهم في تحسين نتائج الخصوبة، مثل تقليل استهلاك الكحول، والإقلاع عن التدخين، والحفاظ على وزن صحي. ويُعتبر الوزن الصحي مهمًا لكلا الجنسين، إذ إن السمنة أو زيادة الوزن قد تُسبب اضطرابات هرمونية وتقلل من فرص الحمل. كما أن ممارسة التمارين الرياضية مهمة، لكن يجب ألا تكون مفرطة، إذ إن التمارين الشاقة قد تُؤثر سلبًا على الخصوبة.

وخز الإبر والطب الصيني التقليدي

ينظر الطب الصيني التقليدي (TCM) إلى الخصوبة على أنها توازن في طاقة الجسم أو “تشي”. ويشمل TCM الوخز بالإبر والعلاجات العشبية والتعديلات الغذائية لدعم الصحة الإنجابية. ويُستخدم الوخز بالإبر، بشكل خاص، لعلاج العقم منذ آلاف السنين.

1. دور الوخز بالإبر في علاج الخصوبة

يُعتقد أن الوخز بالإبر يُعزز تدفق الدم إلى المبايض والرحم، مما يُهيئ بيئة أكثر ملاءمة للإخصاب والانغراس. كما يُساعد في موازنة الهرمونات، وتقليل التوتر، وتحسين الرفاهية العامة. وتُفيد العديد من النساء اللواتي خضعن للوخز بالإبر أثناء علاج أطفال الأنابيب بأنهن شعرن بانخفاض القلق، وتحسن جودة البويضات، وارتفاع معدلات الحمل.

2. المكملات العشبية في الطب الصيني التقليدي

يُوصف في الطب الصيني التقليدي العديد من الأعشاب لدعم الخصوبة، ومنها ما يُغذي الدم، ويُحسّن تدفق الطاقة، ويُوازن الهرمونات الإنجابية. ومن الأمثلة على ذلك: دونغ كواي والبرسيم الأحمر لتنظيم الدورة الشهرية وتحفيز الإباضة، وجذر العرقسوس لموازنة مستويات الكورتيزول وتقليل التوتر.

دور عيادات الخصوبة في دمج العلاجات البديلة

بينما تُعد العلاجات البديلة مفيدة في دعم الخصوبة، من المهم التنسيق مع العيادة أو مقدم الرعاية الصحية عند دمجها في خطة العلاج. وتُوفر العديد من العيادات الآن هذه العلاجات المكملة، مثل الوخز بالإبر، إلى جانب تقنيات المساعدة على الإنجاب لتحسين فرص النجاح.

1. العثور على عيادة خصوبة تقدم خدمات تكاملية

عند اختيار عيادة للخصوبة، من المهم الاستفسار عن مدى توفر العلاجات التكميلية. فقد بدأت العديد من العيادات في التعاون مع مختصين مرخصين في الوخز بالإبر، والتغذية، والعلاج النفسي المتخصص في دعم الخصوبة. وتُقدم هذه العيادات نهجًا شموليًا يشمل الجوانب الجسدية والعاطفية والنفسية التي تؤثر في الخصوبة.

2. العمل مع CarefulTrip لرحلة خصوبة شاملة

بالنسبة للمرضى الذين يسعون للعلاج في الخارج، تُوفر CarefulTrip مجموعة شاملة من الخدمات، تشمل خطط علاجية شخصية تدمج بين العلاجات التقليدية والبديلة. ومن تنسيق الاستشارات مع أبرز اختصاصيي الخصوبة إلى التوصية بالعلاجات التكميلية مثل الوخز بالإبر والدعم الغذائي، تضمن CarefulTrip حصول المرضى على رعاية متكاملة طوال رحلة الخصوبة. وهدفهم هو دعم المرضى في كل جانب من جوانب العلاج، وتوفير الموارد اللازمة لتحقيق أفضل النتائج.

خلاصة

قد تكون رحلة الخصوبة طويلة ومليئة بالتحديات، لكن دمج العلاجات البديلة مع العلاجات التقليدية مثل أطفال الأنابيب قد يُحقق العديد من الفوائد. إذ تلعب تقنيات مثل الوخز بالإبر، والعلاجات العشبية، واليقظة الذهنية، والتغذية دورًا محوريًا في دعم الصحة الإنجابية وتحسين فرص الحمل. سواء كنتِ تحاولين الحمل طبيعيًا أو من خلال تقنيات المساعدة على الإنجاب، يمكن أن تُساهم هذه العلاجات في تحسين فرص النجاح من خلال معالجة الجوانب الجسدية والعاطفية للخصوبة.

من الضروري اتباع نهج شامل في علاج الخصوبة، لا يقتصر على العلاجات الطبية، بل يشمل أيضًا تغييرات نمط الحياة، وتقليل التوتر، والاهتمام بالصحة النفسية. ومن خلال دمج العلاجات البديلة ضمن خطة العلاج، قد تقتربين خطوة من تحقيق حلم الأسرة التي طالما رغبتِ بها.

المراجع

• American Pregnancy Association. “Acupuncture and Fertility.”
• National Institute for Health and Care Excellence. “Nutrition and Fertility.”
• Journal of Chinese Medicine. “Traditional Chinese Medicine and Fertility: An Evidence-Based Approach.”
• Fertility and Sterility. “Mindfulness and Stress Reduction in IVF Patients.”